هذا المقال نقلاً عن الفاتح جبرا(البروف)
منذ وقت مبكر وأنا أعانى من عقده نفسية لا أدرى من أين جاءت إلا وهى أننى لا أحب مقابلة (كبار المسئولين) والتواجد فى المحافل (الحكومية) أياً كانت ، إحتفالات ، إجتماعات، إلخ ولا أكون مبالغاً أن قلت أننى لم أقابل وزيرا (فيس تو فيس) طيلة حياتى .. ربما يكون ذلك لإيمانى بان (المسئولين) حاجه و(المواطنين) حاجه تانية وأنه ليس هنالك شئ يجمعهما سوى أن المسئول كان فى الأصل (مواطن) .
اليوم قمت بحضور أول (مناسبة) حكومية فى حياتى ومصافحة أول وزير هو الأخ الكريم الدكتور كمال عبداللطيف وزير رئاسة مجلس الوزراء والذى قام بدعوة لفيف من الكتاب والصحفيين والإعلاميين لمناقشة برنامج جلسات مجلس الوزراء للعام 2010
بعد مقدمة عكست ما يتمتع به السيد الوزير من (خفة روح) و(سحر بيان) قام مشكوراً بإعطاء الفرصة للمدعويين والذين تحدثوا عن محاور مختلفة كالإستثمار والإنتخابات القادمة والبحث العلمى وإتفاقية نيفاشا والدستور وهكذا أشياء ثم تم منحى الفرصة للحديث فتحدثت عن الفقر والبطالة وغلاء الأسعار والضائقة الإقتصادية التى يعيشها المواطن البسيط وما يلازمها من أمراض أجتماعية كالعنوسة وإزدياد معدلات الجريمة وإنتشار التسول والمهن الهامشية .
عدت إلى المنزل بعد ذلك الغداء (الكارب) الذى تناولناه بعد أن إنفض الإجتماع ولم يدر بخلدى أبداَ أننى سوف أفاجأ بخبر يفيد بقدوم (الفرج) وحل مشكلة (الفقر) الذى كنت أتحدث عنها قبل ساعات فى ذلك الإجتماع .. نعم أخيراً سوف يتم القضاء على الفقر قضاءاً مبرما وسوف يكسب الفقراء والخريجون مما (حلبت) يداهم إذ يقول الخبر الذى طالعته بالصفحة الأولى لصحيفة حكايات أن السيد والى الخرطوم د. عبدالرحمن الخضر قد ناقش مع وزير الزراعة والثروة الحيوانية صديق الشيخ ووزيرة الشئون الإجتماعية أميرة الفضل والخبير فى (تحسين نسل الماعز) د. أحمد العاص ناقشوا إستيراد سلالات ماعز (محسنة) من هولندا وسوريا لإنتاج الألبان وذلك من أجل من أجل تمليكها للأسر الفقيرة والخريجين (بتمويل) من ديوان الزكاة وبنك الأسرة !
يا لها من فكرة رائعة توضح عبقرية مسئولينا فى وضع الحلول الجزريه لمشكلة الفقر التى تواجه ثلاثة أرباع السكان (على أقل تقدير) أى أكثر من ثلاثين مليون مواطن تقريباً ! ليكون شعار المرحلة (معزة لكل مواطن) !
ولتجدها البنوك فرصة لتضيف إلى مهامها بعد تمليك (العربات) بالأقساط (المرهقة) نوعاً آخر من (حلب المواطن) وهو تمليك (المعيز) والتيوس (خمسة شنكل) للمواطنين ولتمتلئ صفحات الصحف والإذاعات والقنوات الفضائية بإعلاناتها من أجل جلب الزبائن (إشتر تلاته معيز وخذ التيس مجانن) ! أو صوت نفيسه وهى تخاطب جارتها نعمات :
- إنتى ولدك عاطف ده لسه مبارى الضلله والقعاد جنب الدكان
- نعمل شنو يا نفيسه ياختى مما إتخرج ليهو تسعة سنين ما لاقى ليهو شغل
- شغل شنو إنتى ما كلموك ... الدوله ما حلت ليهم مشكلتهم خلاص ومستقبلهم بقى (أبيض ذى اللبن)
- لقو ليهم وظائف يعنى !!
- وظائف شنو ومرتبات شنو البتكمل عند الصراف دى!
(صوت جهورى) : نعم المرتبات بتكمل لكن (اللبن) عمرو ما يكمل مع الماعز (المحسنة) التى نوفرها لك بسعر التكلفة وبأقساط طويله الأجل ... مع تحيات بنك (المعيز المحسنة المتحد)
ثم يبدأ خبراء (المستوصفات) فى إنشاء مستوصفات (معيز) لا تقبل مرضاها إلا بعد دفع تأمين بالشئ الفلانى ، كما يسرع بعضهم إلى تأليف كتاب (تعلم الحلب فى خمسة أيام) لأولئك الخريجين (أولاد العاصمة) الذين ليس لهم فى تربية (الأنعام) ولا يعرفون الفرق بين (القوقاز والأمباز) .
ويبدأ الخريجون فى ممارسة حياتهم العملية الجديدة فى تسمين (المعيز) ثم إنتاج اللبن وبيعه وتسديد أقساط القرض للدائنين ثم (الصرف على إحتياجاتهم) من مأكل ومشرب وخلافه ثم توفير (الباقى) حتى إذا ما بلغ أحدهم (التسعين) إستطاع أن يكمل نصف دينه فى مقابر أحمد شرفى هذا إذا لم تأت (أنفلونزا التيوس) فتموت (المعيز) قبل إسترداد قيمة القرض فيذهب الجميع ليبقوا إلى حين السداد ..
كسرة :
معيز أيه اللى جاى تقول عليه ... حاولوا علاج اصل المشكلة بدلا عن هذه الحلول (المتخثرة) !
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]