حاول الحفاظ علي استقلال دارفور فقتله الإنجليزمايجري الآن في دارفور بالسودان، ومحاولة استغلال هذه الأزمة ذريعةللتدخل الأجنبي ، شيء يثير الأسي والألم في النفوس.. فقد أصبح العالم العربيوالاسلامي ساحة مباحة للتدخل الاجنبي.. في محاولة لعودة الاستعمار القديم، واستغلالثروات هذه البلاد ونهبها باسم الحرية والديمقراطية والحفاظ علي حقوقالانسان!!
وقد تذكرت وبرزت لي صورة احد أبطال دارفور.. بمناسبة اجتماعات وزراءالخارجية العرب في مقر الجامعة العربية بالقاهرة.. من أجل موقف موحد لدعم السودان،وتجنب تدخل القوي الاجنبية في شئونه، وتقديم المساعدات له لحل مشكلة دارفور فيالإطار الاقليمي بعيدا عن شبح التدخل الاجنبي.
ووسط هذه الاحداث التي تدعوللأسي والشحن علي ما آلت إليه أوضاع عالمنا العربي والاسلامي، تداعت الي ذهني صورةرجل من دارفور، فرض اسمه علي التاريخ ، للدور الباسل الذي قام به، وهو يحاول وقفالمد الاستعماري في بلاده، وان يتخذ موقفا ضد هذا الاستعمار الدخيل، بجانب العالمالاسلامي.. وهو السلطان علي دينار.
ولكن من هو هذا السلطان؟وكيف قفز اسمهالي صفحات التاريخ؟وكيف كانت نهاية حياته المأساوية؟وكيف انتقم منهالاستعمار لمواقفه المشرفة وشجاعته، وتصديه لاطماع الغزاة؟كان السودان بعد اندخله الاسلام مقسما إلي ثلاث ممالك هي: الفونج، وتقلي والفور (دارفور).
واستطاعتمصر عندما دخلت السودان ان توحد هذه الممالك في وحدة سياسية واحدة، وتضيف إليها بعضالاماكن الاخري في السودان.
ومن مملكة الفور هذه ­دارفور­خرج الي الحياةالسلطان علي دينار، الذي كرس حياته علي نشر الاسلام في منطقة دارفور وغيرها منمناطق السودان.
وقد عزم الرجل ان ينهض ببلاده، في مختلف المجالات علي نشر الوعيوالثقافة الاسلامية، وان يقاوم علي قدر طاقته القوي الاستعمارية المختلفة التيتحاول ان تمتص القارة الافريقية، وتنتزع لنفسها خبراتها، ومافيها من معادن وثروات،علي حساب شعوبها الغفيرة.
***
في هذا الوقت ظهرت المهدية، وانتشرت فيالسودان، وانبهر بها الكثيرون في دارفور، حتي ان سكانها طلبوا من سلطانهم (عليدينار)، ان يبايع المهدي.. وان يذهب إليه بنفسه، ويعلن ولاءه للدعوة المهدية التيانتشرت بسرعة في كل انحاء السودان، ولكن رجال المهدي، وقد لاحظوا تريث السلطان عليدينار امام هذه الدعوة، فاتهموه بأنه يشرب الخمر،وقيدوه ووضعوه في غياهبالسجن!
وعندما انتهت المهدية، وأصبحت الكلمة العليا للانجليز فكوا وثاقه،وأطلقوه من سجنه، علي أن يعود إلي بلاده حاكما لها كما كان، بشرط ان يؤدي جزيةسنوية للاستعمار الانجليزي، وان يعمل معه بعض الخبراء الاجانب والمستشارين الاجانبفي مملكته دارفور.
ولم يكن امام الرجل الذي كان سجينا إلا ان يوافق علي شروطالمستعمر، وعاد إلي دارفور، وفي نيته ان يواصل ماكرس نفسه له.. وهو العمل علي رفعةبلاده، وعلي تحريرها من وصمة الاستعمار، وأخذ يراسل فرنسا حتي تساعده علي رسم حدودبلاده، وكان يرفض مقابلة مندوب الحكومة الانجليزية بل حرم إقامة الأجانب فيبلاده..
ولم يغفل الاستعمار الانجليزي عن ذلك ، فعين الاستعمار لاتنام، وقرر هذاالاستعمار ان يقيد حرية الرجل.. وان يقف ضد طموحاته، وان يشجع الخارجين عليه منالقبائل، وإمداد أعدائه بالسلاح، بل لم يقف بجانبه لصد الفرنسيين عن حدودبلاده!
***
كان أمله أن يقوم بتكوين دولة إسلامية في افريقيا، وتكونهذه الدولة بمثابة نقطة ارتكاز وانطلاق ضد قوي الاستعمار المختلفة .. وقد أرسلرسالة إلي السلطان في الاستانة واضعا فيها احوال المسلمين في دارفور، يقولفيها:
'ان الاجانب قد أحاطوا بالمسلمين من يميننا وشمالنا وورائنا وأمامنا،وحازوا ديار المسلمين كلها ، وممالك البعض سلطانها مقتول، والبعض سلطانها مأسور،والبعض سلطانها مقهور، يلعبون بأيديهم كالعصفور ماعدا بلادنا دارفور ، قد حفظهاالله من ظلمات الكفار، والداعيانهم حالوا بيننا وبين الحرمين الشريفين اللذينحرسهما الله، ومنحكم خدمتهما ولم نرحيلة نتوسل بها لأداء الفرض الذي فرضه اللهعلينا من حج بيته الحرام، وزيادة نبيه عليه الصلاة والسلام'
ويقول في هذهالرسالة ايضا'انجبرنا علي مواصلة دولة الانجليز، وصرنا نعاملهم تارة بالمشاحنةمعهم، وتارة في حفظ ايماننا واسلامنا في بلادنا..
***
وعرفت تركيا أنالسلطان علي دينار في صفها، وانه متعاطف معها ضد أعدائها، مما يجعل 'انور باشا' يكتب إليه رسالة في 3 نوفمبر من عام 1915، يذكره فيا بالاعتداء علي بلد الخلافة منقبل روسيا وانجلترا وفرنسا، وان الخليفة قد أعلن الجهاد المقدس، ضد المعتدين، ومنهنا أصبح الجهاد فرضا علي كل المسلمين.
وقال له: بأنه سيرسل مندوبا من تركيا هو 'جعفر بك' وانه سيرسل حملة لإنقاذ مصر، وان النصر سيكون حليفه وحليف اصدقائهالألمان.
وقطع الرجل علاقاته بالدول المعتدية علي تركيا وقرر الوقوف بجانبتركيا، ومايترتب علي ذلك من مسئوليات.
***
يقول الدكتور عبده بدوي فيدراسته عن السلطان علي دينار:
وقد كان السلطان عازما علي السير شرقا لوضعالسودان جميعا تحت سيطرته ، وتخليصه من الحكم القائم، ولكن الانجليزي مايكادونيحسون بهذا حتي يرسلوا إليه حملة بقيادة (كلي باشا) ويثيرون عليه رجال الدين فيالخرطوم، ويطلبون منهم الكتابة إليه في هذا الشأن فيسارعون بطلب دخوله في طاعةالحكومة.
ولكنه كان مصمما علي تسوية جميع خلافاته مع الانجليز.
ولكن حماسههذا لم يستطع الوقوف أمام الأسلحة الحديثة التي اسقطت رجاله من حوله في موقعة (برنجيه) عام 1916 ثم أطلقت وراءه (هدلستون بك) مطاردا حتي لقي ربه برصاصة في 6 مننوفمبر عام .1916وكان ان أعلن ضم دارفور الي السودان بعد ثمانية عشر عام من فتحكتشنر للسودان!
ورغم ان السلطان اديب وشاعر كما وضح في كتابه 'ديوان المديح فيمدح النبي المليح' فإنه يعتبر الرجل القوي الذي وقف في اصرار الي جانب تركيا، رغمان بلاده كانت (جزيرة صغيرة) محاطة بالانجليز والفرنسيين، متأثرا في كل خطوة خطاهابالدفاع عن الاسلام في افريقية ضد كل الدخلاء'.
***
هذه صورة سريعةعن بطل من أبطال افريقية.. والذي وقف ضد الاستعمار الانجليزي، وضد التدخل في شئونالعالم العربي والاسلامي، والذي انتهت حياته برصاصة من رصاص الاستعمار الانجليزي،اودت بحياته، ولكن ظلت سيرته نور هداية لكل من يريد رفض الذل والهوانوالاستعمار.
تري هل تنجح قوي البغي والطغيان الآن ان تتخذ من 'دارفور' موطن هذاالمناضل وسيلة لعودة الاستعمار من جديد الي هذه البلاد؟خاصة انها تتذرع بمختلفالذرائع لتجد وسيلة لتحقيق أهدافها.. والوثوب من جديد علي السودان.. ونهب ثرواتهالمطمورة في ارضه.. وثرواته الظاهرة فوق أرضه!؟
وقد تذكرت وبرزت لي صورة احد أبطال دارفور.. بمناسبة اجتماعات وزراءالخارجية العرب في مقر الجامعة العربية بالقاهرة.. من أجل موقف موحد لدعم السودان،وتجنب تدخل القوي الاجنبية في شئونه، وتقديم المساعدات له لحل مشكلة دارفور فيالإطار الاقليمي بعيدا عن شبح التدخل الاجنبي.
ووسط هذه الاحداث التي تدعوللأسي والشحن علي ما آلت إليه أوضاع عالمنا العربي والاسلامي، تداعت الي ذهني صورةرجل من دارفور، فرض اسمه علي التاريخ ، للدور الباسل الذي قام به، وهو يحاول وقفالمد الاستعماري في بلاده، وان يتخذ موقفا ضد هذا الاستعمار الدخيل، بجانب العالمالاسلامي.. وهو السلطان علي دينار.
ولكن من هو هذا السلطان؟وكيف قفز اسمهالي صفحات التاريخ؟وكيف كانت نهاية حياته المأساوية؟وكيف انتقم منهالاستعمار لمواقفه المشرفة وشجاعته، وتصديه لاطماع الغزاة؟كان السودان بعد اندخله الاسلام مقسما إلي ثلاث ممالك هي: الفونج، وتقلي والفور (دارفور).
واستطاعتمصر عندما دخلت السودان ان توحد هذه الممالك في وحدة سياسية واحدة، وتضيف إليها بعضالاماكن الاخري في السودان.
ومن مملكة الفور هذه ­دارفور­خرج الي الحياةالسلطان علي دينار، الذي كرس حياته علي نشر الاسلام في منطقة دارفور وغيرها منمناطق السودان.
وقد عزم الرجل ان ينهض ببلاده، في مختلف المجالات علي نشر الوعيوالثقافة الاسلامية، وان يقاوم علي قدر طاقته القوي الاستعمارية المختلفة التيتحاول ان تمتص القارة الافريقية، وتنتزع لنفسها خبراتها، ومافيها من معادن وثروات،علي حساب شعوبها الغفيرة.
***
في هذا الوقت ظهرت المهدية، وانتشرت فيالسودان، وانبهر بها الكثيرون في دارفور، حتي ان سكانها طلبوا من سلطانهم (عليدينار)، ان يبايع المهدي.. وان يذهب إليه بنفسه، ويعلن ولاءه للدعوة المهدية التيانتشرت بسرعة في كل انحاء السودان، ولكن رجال المهدي، وقد لاحظوا تريث السلطان عليدينار امام هذه الدعوة، فاتهموه بأنه يشرب الخمر،وقيدوه ووضعوه في غياهبالسجن!
وعندما انتهت المهدية، وأصبحت الكلمة العليا للانجليز فكوا وثاقه،وأطلقوه من سجنه، علي أن يعود إلي بلاده حاكما لها كما كان، بشرط ان يؤدي جزيةسنوية للاستعمار الانجليزي، وان يعمل معه بعض الخبراء الاجانب والمستشارين الاجانبفي مملكته دارفور.
ولم يكن امام الرجل الذي كان سجينا إلا ان يوافق علي شروطالمستعمر، وعاد إلي دارفور، وفي نيته ان يواصل ماكرس نفسه له.. وهو العمل علي رفعةبلاده، وعلي تحريرها من وصمة الاستعمار، وأخذ يراسل فرنسا حتي تساعده علي رسم حدودبلاده، وكان يرفض مقابلة مندوب الحكومة الانجليزية بل حرم إقامة الأجانب فيبلاده..
ولم يغفل الاستعمار الانجليزي عن ذلك ، فعين الاستعمار لاتنام، وقرر هذاالاستعمار ان يقيد حرية الرجل.. وان يقف ضد طموحاته، وان يشجع الخارجين عليه منالقبائل، وإمداد أعدائه بالسلاح، بل لم يقف بجانبه لصد الفرنسيين عن حدودبلاده!
***
كان أمله أن يقوم بتكوين دولة إسلامية في افريقيا، وتكونهذه الدولة بمثابة نقطة ارتكاز وانطلاق ضد قوي الاستعمار المختلفة .. وقد أرسلرسالة إلي السلطان في الاستانة واضعا فيها احوال المسلمين في دارفور، يقولفيها:
'ان الاجانب قد أحاطوا بالمسلمين من يميننا وشمالنا وورائنا وأمامنا،وحازوا ديار المسلمين كلها ، وممالك البعض سلطانها مقتول، والبعض سلطانها مأسور،والبعض سلطانها مقهور، يلعبون بأيديهم كالعصفور ماعدا بلادنا دارفور ، قد حفظهاالله من ظلمات الكفار، والداعيانهم حالوا بيننا وبين الحرمين الشريفين اللذينحرسهما الله، ومنحكم خدمتهما ولم نرحيلة نتوسل بها لأداء الفرض الذي فرضه اللهعلينا من حج بيته الحرام، وزيادة نبيه عليه الصلاة والسلام'
ويقول في هذهالرسالة ايضا'انجبرنا علي مواصلة دولة الانجليز، وصرنا نعاملهم تارة بالمشاحنةمعهم، وتارة في حفظ ايماننا واسلامنا في بلادنا..
***
وعرفت تركيا أنالسلطان علي دينار في صفها، وانه متعاطف معها ضد أعدائها، مما يجعل 'انور باشا' يكتب إليه رسالة في 3 نوفمبر من عام 1915، يذكره فيا بالاعتداء علي بلد الخلافة منقبل روسيا وانجلترا وفرنسا، وان الخليفة قد أعلن الجهاد المقدس، ضد المعتدين، ومنهنا أصبح الجهاد فرضا علي كل المسلمين.
وقال له: بأنه سيرسل مندوبا من تركيا هو 'جعفر بك' وانه سيرسل حملة لإنقاذ مصر، وان النصر سيكون حليفه وحليف اصدقائهالألمان.
وقطع الرجل علاقاته بالدول المعتدية علي تركيا وقرر الوقوف بجانبتركيا، ومايترتب علي ذلك من مسئوليات.
***
يقول الدكتور عبده بدوي فيدراسته عن السلطان علي دينار:
وقد كان السلطان عازما علي السير شرقا لوضعالسودان جميعا تحت سيطرته ، وتخليصه من الحكم القائم، ولكن الانجليزي مايكادونيحسون بهذا حتي يرسلوا إليه حملة بقيادة (كلي باشا) ويثيرون عليه رجال الدين فيالخرطوم، ويطلبون منهم الكتابة إليه في هذا الشأن فيسارعون بطلب دخوله في طاعةالحكومة.
ولكنه كان مصمما علي تسوية جميع خلافاته مع الانجليز.
ولكن حماسههذا لم يستطع الوقوف أمام الأسلحة الحديثة التي اسقطت رجاله من حوله في موقعة (برنجيه) عام 1916 ثم أطلقت وراءه (هدلستون بك) مطاردا حتي لقي ربه برصاصة في 6 مننوفمبر عام .1916وكان ان أعلن ضم دارفور الي السودان بعد ثمانية عشر عام من فتحكتشنر للسودان!
ورغم ان السلطان اديب وشاعر كما وضح في كتابه 'ديوان المديح فيمدح النبي المليح' فإنه يعتبر الرجل القوي الذي وقف في اصرار الي جانب تركيا، رغمان بلاده كانت (جزيرة صغيرة) محاطة بالانجليز والفرنسيين، متأثرا في كل خطوة خطاهابالدفاع عن الاسلام في افريقية ضد كل الدخلاء'.
***
هذه صورة سريعةعن بطل من أبطال افريقية.. والذي وقف ضد الاستعمار الانجليزي، وضد التدخل في شئونالعالم العربي والاسلامي، والذي انتهت حياته برصاصة من رصاص الاستعمار الانجليزي،اودت بحياته، ولكن ظلت سيرته نور هداية لكل من يريد رفض الذل والهوانوالاستعمار.
تري هل تنجح قوي البغي والطغيان الآن ان تتخذ من 'دارفور' موطن هذاالمناضل وسيلة لعودة الاستعمار من جديد الي هذه البلاد؟خاصة انها تتذرع بمختلفالذرائع لتجد وسيلة لتحقيق أهدافها.. والوثوب من جديد علي السودان.. ونهب ثرواتهالمطمورة في ارضه.. وثرواته الظاهرة فوق أرضه!؟