أنَا وجع أَوْ شديد الوجع أَوْ مَوْعُوكٌ أَوْ وارأساه ونحو ذلك ، وبيان أنَّه لا كراهة في ذلك إِذَا لَمْ يكن عَلَى سبيل التسخط وإظهار الجزع ، وكذلك إذا كان الإخبار على سبيل الاستعانة بإرشاده أو معاونته والتوصل إلى زوال ضرره, لم يقدح ذلك في الصبر.
عن القاسم بن محمد قَالَ : قالت عائشةُ رضي الله عنها : وَارَأسَاهُ ! فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( بَلْ أنَا ، وَارَأسَاهُ ! )) ...وذكر الحديث . رواه البخاري .
قال تعالى في سورة يوسف قول يعقوب عليه السلام: { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } أي أني أصبر على هذه المحنة صبرا جميلا سالما من السخط والتَّشكِّي إلى الخلق . وقال:} وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ{ قال قتادة: كظيم على الحزن, فلم يقل إلا خيراً . وقال : } إنما أَشْكو بَثِّي وحُزْني إلى اللهّ { .
سَمِع الفُضَيْل بن عِيَاض رجلاً يشْكو بلاء نَزَل به، فقال: يا هذا، تشكو مَنْ يَرْحَمُك إلى من لا يَرْحمك. وقال: مَن شكا مُصِيبةً نزَلت به فكأنما شَكا ربَّه.
قال رجل: سَمِعَني شُريح وأنا أشْتَكي بعضَ ما غمني إلى صديق " لي " ، فأخذ بيدي وقال: يا بن أَخي، إياك والشَّكْوى إلى غير اللّه، فإنه لا يَخلو من تشكو إليه أن يكون صديقاً أو عدوًّا، فأما الصديق فتحْزُنه ولا يَنْفعك، وأما العدوّ فَيَشْمَت بك ، انظُر إلى عيني هذه فواللّه ما أبصرت بها شخصاً ولا طريقاً منذُ خمسَ عشرةَ سنة، وما أخبرتُ بها أحداَ إلى هذه الغاية.
فإن تَسْأَلنِّي كيفَ أَنت فإنّني ... جَلِيدٌ على رَيْب الزَمان صَلِيبُ
عزيزٌ عليّ أنْ تُرَى بي كـآبة ... فيَفْرَحَ وَاشٍ أَوْ يُسَـاءَ حَبيب
عزيزٌ عليّ أنْ تُرَى بي كـآبة ... فيَفْرَحَ وَاشٍ أَوْ يُسَـاءَ حَبيب
وعندما سأل رجلٌ الإمام أحمد: كيف تجدك يا أبا عبدالله؟ قال: بخير في عافية, فقال له: حممت البارحة؟ قال: إذا قلت لك: أنا في عافية فحسبك, لا تخرجني إلى ما أكره.
وقال دُريد بن الصِّمة يَرْثي أخاه:قليلَ التَّشَكِّي للمصائب ذاكرًا ... من اليوم أَعقابَ الأحادِيث في غَدِ
وقال تأبط شراً يمدح شمس ابن مالك:
قليلُ التشـكِّي لِلْمُهِمّ يصيبهُ ... رحيبُ مناخِ العِيس سـهلُ المباركِ
مراجع :تفسير السعدي/صحيح البخاري/رياض الصالحين/ المستطرف/كتاب اصبر واحتسب