صفة نعيم القبر وعذابه :-
ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب أن الملائكة تسأل العبد المؤمن في قبره فيحسن الإجابة وعند ذاك [ ينادي منادٍ في السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له باباً إلى الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مدّ بصره ، قال : ويأتيه ( وفي رواية: يمثل له ) رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، أبشر برضوان من الله ، وجنات فيها نعيم مقيم ، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له : أنا عملك الصالح ، فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في طاعة الله، بطيئاً في معصية الله ، فجزاك الله خيرا ً ، ثم يفتح له باب من الجنة ، وباب من النار ، فيقال : هذا منزلك لو عصيت الله ، أبدلك الله به هذا ، فإذا رأى ما في الجنة ، قال : رب عجل قيام الساعة ، كيما أرجع إلى أهلي ومالي ، ( فيقال له اسكن ) ] .
وذكر صلوات الله عليه وسلامه أن العبد الكافر أو الفاجر بعد أن يسيء الإجابة [ ينادي منادي في السماء أن كذب ، فافرشوا له من النار ، وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه ( وفي رواية : ويمثل له ) رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول:
(وأنت فبشرك الله بالشر ) ، من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر ، فيقول أنا عملك الخبيث ، فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله ، سريعاً إلى معصية الله ، فجزاك الله شراً ، ثم يقيض الله له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة ، لو ضرب بها جبل كان ترابا ً، فيضربه حتى يصير بها تراباً ، ثم يعيده كما كان ، فيضربه ضربة أخرى ، فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين ، ثم يُفتح له باب من النار ، ويمهد من فرش النار ، فيقول : رب لا تُقِم الساعة ] .
وفي حديث أنس أن العبد المؤمن إذا أجاب الإجابة الصادقة في قبره يقال له : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فيراهما جميعاً ، قال قتادة : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره ] وذكر في حديث أنس أن الكافر والمنافق بعد أن يجيب في قبره تلك الإجابة الكاذبة يقال له : [ لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين ] [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
ولمسلم : [ إن العبد إذا وضع في قبره ، ثم ذكر نحواً مما تقدم إلى قوله : وذكر لنا: أنه يفسح فيه سبعين ذراعاً، ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ".
وفي رواية لأبي داود أن العبد المؤمن بعد أن يسأل ويجيب ، "ينطلق به إلى بيت كان له في النار ، فيقال له : هذا كان لك ولكن الله عصمك ، فأبدلك به بيتاً في الجنة ، فيراه ، فيقول : دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي ، فيقال له : اسكن ].
وهذا الذي أشارت إليه الأحاديث من أنَّ كل إنسان يعرض عليه مقعده بعد أن يسأل في قبره مستمر طيلة بقائه في القبر ، وقد صرّح بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ، ففي الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، [ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ] .
وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملكين يقولان للعبد المؤمن بعد أن يجيب الإجابة السديدة : [ قد كنا نعلم أنك تقول ذلك ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ، ثم ينور له فيه ، ثم يقال له : نم ، فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولان : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ] ، وأنهما يقولان للمنافق : [ قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه ، فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه ، فلا يزال معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ] .
وذكر صلوات الله عليه وسلامه أن العبد الكافر أو الفاجر بعد أن يسيء الإجابة [ ينادي منادي في السماء أن كذب ، فافرشوا له من النار ، وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه ( وفي رواية : ويمثل له ) رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول:
(وأنت فبشرك الله بالشر ) ، من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر ، فيقول أنا عملك الخبيث ، فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله ، سريعاً إلى معصية الله ، فجزاك الله شراً ، ثم يقيض الله له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة ، لو ضرب بها جبل كان ترابا ً، فيضربه حتى يصير بها تراباً ، ثم يعيده كما كان ، فيضربه ضربة أخرى ، فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين ، ثم يُفتح له باب من النار ، ويمهد من فرش النار ، فيقول : رب لا تُقِم الساعة ] .
وفي حديث أنس أن العبد المؤمن إذا أجاب الإجابة الصادقة في قبره يقال له : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فيراهما جميعاً ، قال قتادة : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره ] وذكر في حديث أنس أن الكافر والمنافق بعد أن يجيب في قبره تلك الإجابة الكاذبة يقال له : [ لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين ] [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
ولمسلم : [ إن العبد إذا وضع في قبره ، ثم ذكر نحواً مما تقدم إلى قوله : وذكر لنا: أنه يفسح فيه سبعين ذراعاً، ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ".
وفي رواية لأبي داود أن العبد المؤمن بعد أن يسأل ويجيب ، "ينطلق به إلى بيت كان له في النار ، فيقال له : هذا كان لك ولكن الله عصمك ، فأبدلك به بيتاً في الجنة ، فيراه ، فيقول : دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي ، فيقال له : اسكن ].
وهذا الذي أشارت إليه الأحاديث من أنَّ كل إنسان يعرض عليه مقعده بعد أن يسأل في قبره مستمر طيلة بقائه في القبر ، وقد صرّح بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ، ففي الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، [ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ] .
وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملكين يقولان للعبد المؤمن بعد أن يجيب الإجابة السديدة : [ قد كنا نعلم أنك تقول ذلك ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ، ثم ينور له فيه ، ثم يقال له : نم ، فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولان : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ] ، وأنهما يقولان للمنافق : [ قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه ، فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه ، فلا يزال معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ] .
هل يعذب المسلمون في قبورهم ؟
قال القرطبي : "قال أبو محمد عبد الحق : اعلم أن عذاب القبر ليس مختصاً بالكافرين ، ولا موقوفاً على المنافقين ، بل يشاركهم فيه طائفة من المؤمنين ، وكل على حاله من عمله ، وما استوجبه من خطيئته وزللـه"، والأدلة على أن المؤمن قد يعذب في قبره بسبب ذنوبه كثيرة .
هول القبر وفظاعته :-
روى هانئ مولى عثمان بن عفان ، قال : كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى ، حتى يبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتذكر القبر فتبكي ؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
[ القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ] قال : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ما رأيت منظراً قط إلاّ القبر أفظع منه ] أخرجه الترمذي ، ولما كان
ما بعد القبر أيسر منه لمن نجا فإن العبد المؤمن إذا رأى في قبره ما أعد الله له من نعيم يقول : "رب عجل قيام الساعة ، كيما أرجع إلى أهلي ومالي، والعبد الكافر الفاجر إذا رأى ما أعدّ الله له من العذاب الشديد فإنه يقول على الرغم مما هو فيه من عذاب : "رب لا تقم الساعة" لأن الآتي أشد وأفظع .
ظلمة القبر
ماتت امرأة كانت تَقُمُّ المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ففقدها الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبروه أنها ماتت من الليل ، ودفنوها ، وكرهوا إيقاظه، فطلب من أصحابه أن يدلوه على قبرها ، فجاء إلى قبرها فصلى عليها، ثم قال : [ إن هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها ، وإن الله عزوجل منورها لهم بصلاتي عليهم ] [ رواه البخاري ومسلم ]
ضمة القبر :-
عندما يوضع الميت في القبر فإنه يضمه ضمة لا ينجو منها أحد كبيراً كان أو صغيراً صالحاً أو طالحا ً، فقد جاء في الأحاديث أن القبر ضم سعد بن معاذ ، وهو الذي تحرك لموته العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، ففي سنن النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفاً من الملائكة ، لقد ضم ضمة ، ثم فرج عنه ] .
وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
[ إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجياً منها نجا منها سعد بن معاذ] [ رواه أحمد في مسنده ] وفي مسندي الطبراني الكبير والأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : [ لو نجا أحد من ضمة القبر، لنجا سعد بن معاذ ، ولقد ضم ضمة، ثم روخي عنه ] ومما يدل على أن ضمة القبر لازمة لكل إنسان أن الصبيان لا ينجون منها ، ففي مسند الطبراني الكبير عن أبي أيوب الأنصاري بإسناد صحيح وهو في مسنده الأوسط، وفي الكامل لابن عدي عن أنس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : [ لو أفلت أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي ] .
فتنة القبر :-
كيف تكون فتنته :
إذا وضع العبد في قبره جاءته ملائكة على صورة منكرة ، ففي سنن الترمذي [ إذا قبر الميت - أو قال : أحدكم - أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما : المنكر وللآخر : النكير ، فيقولان ، ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : ما سكان يقول ، هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .. وإن كان منافقاً قال : سمعت الناس يقولون قولاً ، فقلت مثله ، لا أدري ] .
وجاء في الحديث الذي يرويه البراء بن عازب عن الرسول صلى الله عليه وسلم : [ فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ، ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ، فذلك حين يقول الله عزوجل : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا ) ، فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ] وقال في العبد الكافر أو الفاجر :[ ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ، ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يهتدي لاسمه ، فيقال : محمد ، فيقول: هاه هاه ، لا أدري ، ( سمعت الناس يقولون ذاك ، قال : فيقولان : لا دريت ) ( ولا تلوت ) فينادي مناد أن كذب عبدي ) .
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، وإنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا : أتاه ملكان ، فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ، محمد ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبدالله ورسوله … وأما الكافر أو المنافق ، وفي رواية : أما الكافر والمنافق - فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس فيه ، يقال : لا دريت ، ولا تليت.. ] [ رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ].
ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم في أول الأمر أن هذه الأمة تفتن في قبورها ، ثم أوحى الله له بهذا العلم ، فقد حدّث عروة بن الزبير عن خالته عائشة قالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندي امرأة من اليهود وهي تقول : هل شعرت أنكم تفتنون في القبور ؟ قالت : فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : [ إنما تفتن اليهود ] ، قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ هل شعرت أنه أوحي إلى أنكم تفتنون في القبور ] قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - بعد- يستعيذ من عذاب القبر.
أسباب عذاب القبر :-
"الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور على قسمين : مجمل ومفصل ، أما المجمل فإنهم يعذبون على جهلهم بالله وإضاعتهم لأمره وارتكابهم معاصيه".
أما المفصل فإن النصوص ذكرت منها الكثير ، وسنشير إلى ما اطلعنا على ذكره في الأحاديث.
1، 2 - عدم الاستتار من البول ، والنميمة :
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
[ مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين ، فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، ثم قال : بلى ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ، ثم قال : ثم أخذ عوداً رطباً فكسره باثنتين ، ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثمّ قال : لعله يخفف عنهما ، ما لم ييبسا ] .
وروى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت : "دخلت عليّ امرأة من اليهود، فقالت : إن عذاب القبر من البول ، فقلت : كذبت ، فقالت : بلى ، إنا لنقرض منه الجلد والثوب ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ، وقد ارتفعت أصواتنا ، فقال : ما هذا ؟ فأخبرته بما قالت فقال : صدقت . قالت : فما صلى بعد يومئذ إلا قال دبر كل صلاة : رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أعذني من حرّ النار وعذاب القبر".
وهذا الذي أشار إليه الحديث - من أن بني إسرائيل كانوا يقرضون من البول الجلد والثوب - هو من الدين الذي شرعه الله لهم ، ولذلك لما نهاهم من نهاهم عن فعل ذلك عذب في قبره بسبب نهيه ، ففي حديث عبد الرحمن بن حسنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : [ ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل، كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منه ، فنهاهم عن ذلك ، فعذب في قبره ] .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن عامة عذاب القبر من البول ، فقد روى أنس رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : [ تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه ] ، ورواه ابن عباس بلفظ [عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه] ورواه أبو هريرة بلفظ [ أكثر عذاب القبر من البول ] .
3. الغلول:
ومن الذنوب التي يعذب صاحبها في القبر الغلول ، وقد صح في ذلك أكثر من حديث، فعن أبي هريرة ، قال : أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً يقال له : مدِعم ، فبينما مدعم يحط رحلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه سهم عائر ، فقتله ، فقال الناس ، هنيئاً له الجنة ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : [ كلا ، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم ، لتشتعل عليه ناراً ] ، فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : [ شراك من نار أو شراكين من نار ] [ متفق عليه ].
وعن عبد الله بن عمرو ، قال : كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم ( أي متاعه المحمول ) رجل يقال له كركرة ، فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ هو في النار ] فذهبوا ينظرون فوجدوا عباءة قد غلها [ رواه البخاري ].
4 - 7 - الكذب وهجر القرآن والزنا والربا :
أرى الله رسوله صلى الله عليه وسلم أنواعاً مما يعذب به بعض العصاة ، ففي صحيح البخاري عن سمرة بن جندب قال : [ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال : من رأى منكم الليلة رؤياً ؟ قال : فإن رأى أحد قصها ، فيقول ما شاء الله ] .
فسألنا يوماً فقال : هل رأى أحد منكم رؤياً ؟ قلنا : لا قال : [ لكني رأيت الليلة رجلين أتياني ، فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة ، فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد - قال بعض أصحابنا عن موسى : كلوب من حديد يدخله في شدقه - حتى يبلغ قفاه ، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ، ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله.
قلت : ما هذا ؟ قالا : انطلق ، فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة ، فيشدخ به رأسه ، فإذا ضربه تَدَهْده الحجر ، فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه .
قلت: من هذا ؟ قالا : انطلق. فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد ناراً ، فإذا ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ، فإذا خمدت رجعوا فيها وفيها رجال ونساء عراة .
فقلت: من هذا ؟ قالا : انطلق. فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم ، فيه رجل قائم على وسط النهر رجل بين يديه حجارة - قال يزيد ووهب بن جرير عن جرير بن حازم: وعلى شط النهر رجل - فأقبل الرجل في النهر ، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان .
فقلت: ما هذا ؟ قالا : انطلق . فانطلقنا حتى انتهينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة ، وفي أصلها شيخ وصبيان ، وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان ، ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل ، فيها شيوخ وشباب .
قلت : طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت . قالا : نعم. أما الذي رأيته يشق شدقه فكـذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبـلغ الآفاق فيصنع به ما رأيت إلىيوم القيامة .
والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن ، فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار ، يفعل به إلى يوم القيامة .
والذي رأيته في الثقب فهم الزناة.
والذي رأيته في النهر آكلوا الربا .
والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام والصبيان حوله أولاد الناس . والذي يوقد النار مالك خازن النار .
والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين وأما هذه الدار فدار الشهداء . وأنا جبريل ، وهذا ميكائيل . فارفع رأسك . فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحاب ، قالا : ذاك منزلك . قلت : دعاني أدخل منزلي . قالا : إنه بقي لك عمر لم تستكمله ، فلو استكملت أتيت منزلك ] ( رواه البخاري في كتاب الجنائز ) .
حبس المدين في قبره بدينه :-
ومما يضر الميت في قبره ما عليه من دين ، فعن سعد بن الأطول رضي الله عنه :
"أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم ، وترك عيالاً ، قال : فأردت أن أنفقها على عياله قال : فقال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم : [ إن أخاك محبوس بدينه
فاذهب فاقض عنه فذهبت فقضيت عنه ، ثم جئت ، قلت : يا رسول الله ، قد قضيت عنه إلاّ دينارين ادّعتهما امرأة ، وليست لها بينة ، قال : أعطها فإنها محقة ] ( وفي رواية صادقة ) .
فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك الصحابي محبوس بسبب دينه ويمكن أن يُفسر هذا الحبس الحديث الآخر حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم [ إنه مأسور بدينه عن الجنة ] ، ففي الحديث الذي يرويه سمرة بن جندب : "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ( وفي رواية صلى الصبح ) فلما انصرف قال : [ أههنا من آل فلان أحد ؟ ( فسكت القوم ، وكان إذا ابتدأهم بشيء سكتوا ، فقال ذلك مراراً ، ثلاث مرارٍ لا يجيبه أحد ، فقال رجل :هو ذا قال: فقام رجل يجر إزاره من مؤخر الناس ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما منعك في المرتين الأوليين أن تكون أجبتني ؟، أما إني لم أنوه باسمك إلا لخير ، إن فلاناً - لرجل منهم - مأسور بدينه ( عن الجنة ، فإن شئتم فافدوه ، وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله ] ، فلو رأيت أهله ومن يتحَّرون أمره قاموا فقضوا عنه ( حتى ما أحد يطلبه بشيء ).