يصف الأحنف ذاته بأنه شاعر وأديب وعالم عرف علوم الفلسفة والفلك والحكمة، لكن سوء طالعه رمى به إلى زمن انصرف أهله عن العلم والأدب وناصبوا الأدباء والعلماء بالمناكدة والعداء([11">):
أشكو إلى اللهِ ما ألقاهُ من نفرٍ يرونَ علميْ إذا ذاكرتهم خَرَفا
إن قلتُ قولاً حكيماً قال قائلُهم: لقمانُ صيّرهُ من بعدهِ خَلفا
متى تمثّلتُ عن فهمٍ وفلسفةٍ سبوا أبقراطَ من جهلٍ وما وَصَفا
أوفُهْتُُ عن أدبِ أو ذكرِ مكرمةٍ سبّوا ابنَ قيسٍ وسبّوا الشعرَ والحنفا
ويبدو أن الأحنف انشغل في مرحلة من مراحل حياته بطلب العلم وانقطع إلى القراءة والأدب فوجد في ذلك ما يغني عن متعة الأنس والزاد والشراب فكان يقول([12">):
ومحِبْرةٍ تؤانسني بحبرٍ أحبُّ إليَّ من أُنسِ الصديقِ
ورَزُمةِ كاغدٍ في البيتِ عندي أحب إلي من عدِلْ الدقيقِ
ولطمةِ عالمٍ في الخدِّ مني أحب إلي منْ شربِ الرحيقِ
ولكن مقومات هذه الصورة اهتزت حين اشتدت به الحاجة ولم يعد العلم يسعف حامله على تدبر أمور عيشه وأسباب دنياه، وصار الانقطاع إلى الأدب من سوء الطالع الذي لا يجلب سوى البؤس والفقر([13">):
حسبي مَن الحِرْفةِ أني امرؤٌ مَعيشتي من باطنِ المِحبْره
ومنزلي مستهدمٌ مقفرٌ منفردٌ في وَسَط المَقْبره
وكانت ذروة التحول في رؤية الأحنف عندما اكتشف أن القصيدة لا تغني عن رغيف الخبز. وأن الشعر لا يقوم مقام الدقيق في البيت وأن نداء المعدة الخاوية أقوى وأشد ضرامة من نداء العقل والخيال فقال([14">):
رأيْتُ الشعرَ لا يُغني فتيلاً إذا ما البيتُ أعَوزهُ الدقيقُ
إذا نفد الدقيق فقدْتُ عقلي ويبقى العقلُ ما بقيَ الدقيقُ
أشكو إلى اللهِ ما ألقاهُ من نفرٍ يرونَ علميْ إذا ذاكرتهم خَرَفا
إن قلتُ قولاً حكيماً قال قائلُهم: لقمانُ صيّرهُ من بعدهِ خَلفا
متى تمثّلتُ عن فهمٍ وفلسفةٍ سبوا أبقراطَ من جهلٍ وما وَصَفا
أوفُهْتُُ عن أدبِ أو ذكرِ مكرمةٍ سبّوا ابنَ قيسٍ وسبّوا الشعرَ والحنفا
ويبدو أن الأحنف انشغل في مرحلة من مراحل حياته بطلب العلم وانقطع إلى القراءة والأدب فوجد في ذلك ما يغني عن متعة الأنس والزاد والشراب فكان يقول([12">):
ومحِبْرةٍ تؤانسني بحبرٍ أحبُّ إليَّ من أُنسِ الصديقِ
ورَزُمةِ كاغدٍ في البيتِ عندي أحب إلي من عدِلْ الدقيقِ
ولطمةِ عالمٍ في الخدِّ مني أحب إلي منْ شربِ الرحيقِ
ولكن مقومات هذه الصورة اهتزت حين اشتدت به الحاجة ولم يعد العلم يسعف حامله على تدبر أمور عيشه وأسباب دنياه، وصار الانقطاع إلى الأدب من سوء الطالع الذي لا يجلب سوى البؤس والفقر([13">):
حسبي مَن الحِرْفةِ أني امرؤٌ مَعيشتي من باطنِ المِحبْره
ومنزلي مستهدمٌ مقفرٌ منفردٌ في وَسَط المَقْبره
وكانت ذروة التحول في رؤية الأحنف عندما اكتشف أن القصيدة لا تغني عن رغيف الخبز. وأن الشعر لا يقوم مقام الدقيق في البيت وأن نداء المعدة الخاوية أقوى وأشد ضرامة من نداء العقل والخيال فقال([14">):
رأيْتُ الشعرَ لا يُغني فتيلاً إذا ما البيتُ أعَوزهُ الدقيقُ
إذا نفد الدقيق فقدْتُ عقلي ويبقى العقلُ ما بقيَ الدقيقُ