قال مصعب بن الزبير خرج سالم بن عبد الله بن عمر إلى ناحية من نواحي المدينة هو وحُرَمُه وجَوَارِيه وبلغ أشعبَ الخبرُ فوافى الموضع الذي هم به يريد التطفل فصادف البابَ مُغْلقاً فتسوَّرَ الحائط ، فقال له سالم : وَيْلَكَ يا أشعب من بناتي وحُرَمي ؟ فقال : " لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ [size=16](79)[/size]" J فوجَّهَ إليه من الطعام ما أَكلَ وحمل إلى منزله .
وقال له سالم بن عبد الله : ما بلغ من طَمَعِك ؟ قال : ما نظرتُ قَطُّ إلى اثنين في جنازة يتساران إلا قَدَّرْتُ أن الميتَ قد أوصى لي من ماله بشيء وما أدخل أَحَدٌ يده في كمه إلا أظنه يعطيني شيئاً J.
وطلق الوليد بن يزيد زوجته سعدى فلما تزوجت اشتد ذلك عليه وندم على ما كان منه فدخل عليه أشعب فقال له هل لك أن تبلغ سعدى عني رسالة ولك عشرة آلاف درهم قال أقبضنيها J ، فأمر له بها فلما قبضها قال له هات رسالتك قال ائتها فأنشدها:
أسعدى هل إليك لنا سبيل ... ولا حتى القيامة من تلاق
بلى ولعل دهرا أن يؤاتي ... بموت من خليلك أو فـراق
قال فأتاها أشعب فاستأذن عليها فأذنت له فدخل فقالت له ما بدا لك في زيارتنا يا أشعب؟ ، فقال يا سيدتي أرسلني الوليد إليك برسالة ثم أنشدها الشعر فقالت لجواريها عليكن بهذا الخبيث ، فقال يا سيدتي إنه دفع إلي عشرة آلاف درهم فهي لك واعتقيني لوجه الله J ، فقالت والله لا أعتقك أو تبلغ إليه ما أقول لك قال يا سيدتي فاجعل لي جعلا J قالت لك بساطي هذا ، قال قومي عنه J ، فقامت فأخذه وألقاه على ظهره وقال هاتي رسالتك فقالت:
أتبكي على سعدى وأنت تركتها ... فقد ذهبت سعدى فما أنت صانع
فلما بلغه الرسالة ضاقت عليه الأرض بما رحبت وأخذته كظمة فقال لأشعب اختر مني إحدى ثلاث إما أن أقتلك وأما أن أطرحك من هذا القصر وأما أن ألقيك إلى هذه السباع فتفترسك L فتحير أشعب وأطرق مليا ثم قال يا سيدي ما كنت لتعذب عينا نظرت إلى سعدى فتبسم J وخلى سبيله .
ونظر أشعب إلى رجل قبيح الوجه، فقال: ألم ينهكم سليمان بن داود أن تخرجوا بالنهار J.
وقيل : لم يكن أطمع من أشعب إلا كلبه ، رأى صورة القمر في البئر فظنه رغيفا J ، فألقى نفسه في البئر يطلبه ، فمات J