السعادة أن تعيش النفس الرضا والسكينة ... لا سعادة بلا اطمئنان, ولا اطمئنان بلا إيمان ... والإيمان يمنح السعادة من جهتين: الأولى من جهة أنه يمنعك من الانزلاق في مستنقعات الفجور والجريمة, وهي أخطر أسباب التعاسة والشقاء, فلا شيء يضمن للمرء أن لا تجرّه شهواته ورغباته إلى الموبقات إذا كان قلبه فارغاً من الإيمان بربه. والثانية من جهة أنه يعطيك أهم شرط من شروط السعادة, وهو الإطمئنان, ففي بحر المشاكل والأزمات لا مرساة للنجاة سوى الإيمان, فمن دون الإيمان تزداد عوامل الخوف والقلق, أما مع الإيمان فلا شيء يستحق الخوف سوى مقام الله تعالى. فالقلب المؤمن يستهين بكل الصعاب, لأنه يتوكل على الله. والقلب الفارغ من الإيمان كورقة مقطوعة من غصنها, تتلاعب بها الرياح الهوجاء. ترى أي شيء يُخيف الإنسان أكثر من الموت والرحيل عن هذه الحياة؟! إنه عند المؤمن ليس عامل خوف, بل عامل اطمئنان أيضاً فما أنفع الموت لمن أشعر الإيمان والتقوى قلبه. يُخطئ من يظن أن السعادة هي في التخلص من الإيمان, والبحث بدل ذلك وراء الملذات العابرة. فما قيمة لذة, تعقبها ساعات من المعاناة؟ وما قيمة وردة, إذا كان الوصول إليها يغرقك في مستـنقع؟ حقاً إن من يبحث عن اللذة من دون الالتزام بالمسؤولية, ولا مراعاة للحدود والمقاييس, قد يُعاني من الشعور بالتعاسة لفترة طويلة. فالطفل الذي يأكل كمية كبيرة من الحلويات, لأن فيها طعم السكر, سيُعاني كثيراً من الحرمان من كل ما لذّ وطاب عندما يُصاب بتآكل أسنانه.