السلام عليكم

من تفسير ابن كثير
إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
دار طيبة

قال النسائي : أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، حدثنا خالد - يعني ابن الحارث - عن ابن أبي ذئب قال : أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالتخفيف ، ويؤمنا بالصافات . تفرد به النسائي .

بسم الله الرحمن الرحيم

( والصافات صفا ( 1 ) فالزاجرات زجرا ( 2 ) فالتاليات ذكرا ( 3 ) إن إلهكم لواحد ( 4 ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( 5 ) )

قال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه أنه قال : ( والصافات صفا ) وهي : الملائكة ، ( فالزاجرات زجرا ) وهي : الملائكة ، ( فالتاليات ذكرا ) هي : الملائكة .

وكذا قال ابن عباس ، ومسروق ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، وقتادة ، والربيع بن أنس .

قال قتادة : الملائكة صفوف في السماء .

وقال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء " .

وقد روى مسلم أيضا ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث الأعمش ، عن المسيب بن رافع ، عن تميم بن طرفة ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ؟ " قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : " يتمون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصف " .

وقال السدي وغيره : معنى قوله ( فالزاجرات زجرا ) أنها تزجر السحاب .

وقال الربيع بن أنس : ( فالزاجرات زجرا ) : ما زجر الله عنه في القرآن . وكذا روى مالك ، عن زيد بن أسلم . [ ص: 6 ]

( فالتاليات ذكرا ) قال السدي : الملائكة يجيئون بالكتاب ، والقرآن من عند الله إلى الناس . وهذه الآية كقوله تعالى : ( فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا ) [ المرسلات : 5 ، 6 ] .

______________________________

من تفسير البغوي » سورة الصافات

بسم الله الرحمن الرحيم

( والصافات صفا ( 1 ) فالزاجرات زجرا ( 2 ) )
) ( والصافات صفا ) قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : هم الملائكة في السماء يصفون كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة .

أخبرنا عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، حدثنا زهير قال :

سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم " ؟ قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال : " يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف " .

وقيل : هم الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله تعالى بما يريد .

وقيل : هي الطيور ، دليله قوله تعالى : " والطير صافات " ( النور - 41 ) .

قوله تعالى ( فالزاجرات زجرا ) يعني : الملائكة تزجر السحاب وتسوقه ، وقال قتادة : هي زواجر القرآن تنهى وتزجر عن القبائح .

_________________________________________

من تفسير القرطبي
محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي
دار الفكر

والمراد ب " الصافات " وما بعدها إلى قوله : فالتاليات ذكرا الملائكة في قول ابن عباس وابن مسعود وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة . تصف في السماء كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة . وقيل : تصف أجنحتها في الهواء واقفة فيه [ ص: 58 ] حتى يأمرها الله بما يريد . وهذا كما تقوم العبيد بين أيدي ملوكهم صفوفا . وقال الحسن : صفا لصفوفهم عند ربهم في صلاتهم . وقيل : هي الطير ، دليله قوله تعالى : أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات والصف ترتيب الجمع على خط كالصف في الصلاة . والصافات جمع الجمع ، يقال : جماعة صافة ثم يجمع صافات . وقيل : الصافات جماعة الناس المؤمنين إذا قاموا صفا في الصلاة أو في الجهاد ، ذكره القشيري . فالزاجرات زجرا الملائكة في قول ابن عباس وابن مسعود ومسروق وغيرهم على ما ذكرناه ، إما لأنها تزجر السحاب وتسوقه في قول السدي . وإما لأنها تزجر عن المعاصي بالمواعظ والنصائح . وقال قتادة : هي زواجر القرآن . فالتاليات ذكرا الملائكة تقرأ كتاب الله تعالى ، قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وابن جبير والسدي . وقيل : المراد جبريل وحده فذكر بلفظ الجمع ; لأنه كبير الملائكة فلا يخلو من جنود وأتباع . وقال قتادة : المراد كل من تلا ذكر الله تعالى وكتبه . وقيل : هي آيات القرآن ، وصفها بالتلاوة

____________________________________

من تفسير الطبري

القول في تأويل قوله تعالى : ( والصافات صفا ( 1 ) فالزاجرات زجرا ( 2 ) فالتاليات ذكرا ( 3 ) )
قال أبو جعفر : أقسم الله - تعالى ذكره - بالصافات ، والزاجرات ، والتاليات ذكرا ، فأما الصافات : فإنها الملائكة الصافات لربها في السماء وهي جمع صافة ، فالصافات : جمع جمع ، وبذلك جاء تأويل أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني سلم بن جنادة قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم قال : كان مسروق يقول في الصافات : هي الملائكة .

حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال : أخبرنا النضر بن شميل قال : أخبرنا شعبة ، عن سليمان قال : سمعت أبا الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، بمثله .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( والصافات صفا ) قال : قسم ، أقسم الله بخلق ، ثم خلق ، ثم خلق ، والصافات : الملائكة صفوفا في السماء .

حدثني محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( والصافات ) قال : هم الملائكة .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله [ ص: 8 ] ( والصافات صفا ) قال : هذا قسم أقسم الله به .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( فالزاجرات زجرا ) فقال بعضهم : هي الملائكة تزجر السحاب تسوقه .
ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( فالزاجرات زجرا ) قال : الملائكة .

حدثني محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : ( فالزاجرات زجرا ) قال : هم الملائكة .

وقال آخرون : بل ذلك آي القرآن التي زجر الله بها عما زجر بها عنه في القرآن .
ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( فالزاجرات زجرا ) قال : ما زجر الله عنه في القرآن .

والذي هو أولى بتأويل الآية عندنا ما قال مجاهد ، ومن قال هم الملائكة ، لأن الله - تعالى ذكره - ، ابتدأ القسم بنوع من الملائكة ، وهم الصافون بإجماع من أهل التأويل ، فلأن يكون الذي بعده قسما بسائر أصنافهم أشبه .

وقوله ( فالتاليات ذكرا ) يقول : فالقارئات كتابا .

واختلف أهل التأويل في المعني بذلك ، فقال بعضهم : هم الملائكة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( فالتاليات ذكرا ) قال : الملائكة .

[ ص: 9 ] حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( فالتاليات ذكرا ) قال : هم الملائكة .

وقال آخرون : هو ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم قبلنا .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فالتاليات ذكرا ) قال : ما يتلى عليكم في القرآن من أخبار الناس والأمم قبلكم

islamweb______________________________________

وعليه فقد اجتمع هؤلاء وهم من كبار المفسرين على ان معنى الصافات هو الملائكه وكذلك الزاجرات والتاليات واذا اكملنا القراءة سنجد هذا التفسير معضدا بالاية التاليه "وانا لنحن الصافون وانا لنحن المسبحون".

ومن تفسير البغوى:

) ( وإنا لنحن الصافون ) قال قتادة : هم الملائكة صفوا أقدامهم . وقال الكلبي : صفوف الملائكة في السماء للعبادة كصفوف الناس في الأرض

ومن الطبري:

) [ ص: 127 ] يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل ملائكته : ( وإنا لنحن الصافون ) لله لعبادته ( وإنا لنحن المسبحون ) له ، يعني بذلك المصلين له .

وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال به أهل التأويل


وماذا عن الاحاديث:

ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال ، إلا مكة والمدينة ، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات ، فيخرج الله كل كافر ومنافق .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1881
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال . إلا مكة والمدينة . وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسها . فينزل بالسبخة . فترجف المدينة ثلاث رجفات . يخرج إليه منها كل كافر ومنافق . وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال . فذكر نحوه . غير أنه قال : فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه . وقال : فيخرج إليه كل منافق ومنافقة .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2943
خلاصة حكم المحدث: صحيح


ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم ، وذلك قول الملائكة : { وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون }
الراوي: عائشة المحدث: ابن كثير - المصدر: تفسير القرآن - الصفحة أو الرقم: 8/296
خلاصة حكم المحدث: مرفوع غريب جدا


ما في السماء الدنيا موضع قدم ، إلا عليه ملك ساجد ، أو قائم ، فذلك قول الملائكة : " و ما منا إلا له مقام معلوم ، و إنا لنحن الصافون ، و إنا لنحن المسبحون "
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 1059
خلاصة حكم المحدث: حسن لشواهده

نستخلص من هذه التفسيرات والاحاديث ان الصافات والزاجرات والتاليات تشير للملائكه