أبو عبد الله محمد الأمين
الخليفة العباسي أبو عبد الله محمد الامين 170 - 198 للهجرة، ولى الأمين الخلافة بعد أبيه هارون الرشيد.
اسمه الكامل محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس، يكنى بأبو عبد الله، وهو السادس من الخلفاء العباسين، تولى الخلافة بين عامي 193 إلى 198 للهجرة إلى أن قتل بعد نزاعه مع أخيه المأمون على الخلافة.
حياته
محمد الأمين بن هارون الرشيد وأمه زبيدة بنت جعفر بن المنصور فهو هاشمي أبا وأما، ولم يتفق ذلك لغيره من الخلفاء إلا لعلي بن أبي طالب، ولابنه الحسن. كان الأمين ولي عهد أبيه فولي الخلافة بعده وكان من أحسن الشباب صورة أبيض طويلا جميلا ذا قوة مفرطة وبطش وشجاعة ومعرفة يقال إنه قتل مرة أسداً بيده وله فصاحة وبلاغة وأدب وفضيلة.
قال الصولي: ولا نعرف للأمين رواية في الحديث إلا هذا الحديث الواحد حدثنا المغيرة بن محمد المهلبي قال رأيت عند الحسين بن الضحاك جماعة من بني هاشم فيهم بعض أولاد المتوكل فسألوه عن الأمين وأدبه فوصف الحسين أدباً كثيراً قيل: فالفقه قال: كان المأمون أفقه منه قيل فالحديث قال ما سمعت منه حديثاً إلا مرة فإنه نعي إليه غلام له مات بمكة فقال: حدثني أبي عن أبيه عن المنصور عن أبيه عن علي بن عبد الله عن ابن عباس عن أبيه سمعت النبي صلى الله عليه واله وسلم يقول "من مات محرماً حشر ملبياً".
قال الثعالبي في لطائف المعارف: كان أبو العيناء يقول لو نشرت زبيدة ضفائرها ما تعلقت إلا بخليفة أو ولي عهد فإن المنصور جدها والسفاح أخو جدها والمهدي عمها والرشيد زوجها والأمين ابنها والمأمون والمعتصم ابنا زوجها والواثق والمتوكل ابنا ابن زوجها وأما ولاة العهود فكثيرة.
ونظيرتها من بني أمية عاتكة بنت يزيد بن معاوية. يزيد أبوها, ومعاوية جدها, ومعاوية بن يزيد أخوها, ومروان بن الحكم حموها, وعبد الملك بن مروان زوجها, وعمر بن عبد العزيز ابن اخ زوجها عبد الملك, ويزيد ابنها, والوليد بن يزيد ابن ابنها, والوليد وهشام وسليمان بنو زوجها, ويزيد وإبراهيم ابنا الوليد بن عبد الملك ابنا ابن زوجها.
خلافة الأمين
غزو الروم:
كان هارون الرشيد قد عهد بولاية العهد للأمين وللمأمون من بعده. وليس في خلافة الأمين والتي دامت قريبًا من خمس سنوات 193-198هـ/809 - 814م شيء يذكر، غير أنه أعطى المجاهدين مالا عظيمًا ووجه جيشًا تابعا له لغزو الروم، وأعطى مدن الثغور المواجهة للروم شيءًا من عنايته، فأمر في سنة 193 هـ/ 809م ببناء مدينة "أذنة" وأحكم بناءها وتحصينها، وندب إليها الرجال لسكناها، أما فيما عدا ذلك، فقد مرت خلافته في صراع بينه وبين أخيه المأمون من أجل الخلافة، انتهى بقتل الأمين وانفراد المأمون بالحكم، وكان الأمين قد تلقى علوم الفقه واللغة من الكسائي، وقرأ عليه القرآن.
الخلاف بين الأمين والمأمون
كان الرشيد قد عزم على تولية المأمون من بعده باعتباره أكبر أولاده سناً, إلا انه عاد فعدل عن ذلك وبايع ابنه الأمين، بسبب تدخل أمه زبيدة في الأمر. ولما آلت الخلافة إلى الأمين، عول على خلع أخيه المامون من ولاية العهد، وشجعه على ذلك وزيره الفضل بن الربيع. وحثه على تولية ابنه الرضيع موسى ولاية العهد وسماه الناطق بالحق، ومن ذلك الحين بدأت الفتنة بين الأمين والمأمون وسببها في الواقع نكث الأمين للعهد على نفسه في حياة أبيه مما أغضب الخراسانيين وغيرهم من الأمصار الإسلامية، وتطورت لتصبح نزاعاً بين الفرس والعرب، وظل الأمين خمس سنوات خليفة بالاسم دون الفعل لأن سلطته لم تكن تامة على جميع الأقاليم في الدولة العباسية، وكان الأمين شاباً مولعاً بالصيد والموسيقى والترف ومسلماً زمام الأمور إلى وزيره الفضل بن الربيع، والذي وقف معه في نزاعه مع أخيه أشهر القادة العرب حينذاك علي بن عيسى بن ماهان وعبد الرحمن بن جبله بينما وقف مع المأمون وزيره الفضل بن سهل وقادته هرثمة بن الأعين وطاهر بن الحسين، وهما من الفرس، وخلع الامين أخاه المأمون سنة 195هـ، وأمر المأمون بالقدوم إلى بغداد لتقديم البيعة فعهد المأمون إلى قائديه هرثمة وطاهر بالهجوم على بغداد فدارت رحى حرب رهيبة في موقعة يقال لها (الري) وهزم جيش الأمين وقتل قادته، وحوصرت بغداد 12 شهراً، وضربت بالمنجنيق وخربت المدينة وهدمت أسوارها وأحترقت أسواقها ورغم كل ذلك أستمر الأمين بلعبه ولهوه غير مبال لما يحدث فهاجمه جند المأمون وقتلوه وأرسلت رأسه إلى المأمون في خراسان
لم يكن الأمين ولا المأمون يريدان الحرب والصراع، ولكن الفتنة أشد من القتل. ولا أقل أن نعرف أن المأمون حين نقل إليه رأس الأمين غضب غضباً شديداً، ولم يزل هكذا حتى إنتقم من الطاهر بن الحسين الخزاعي الذي قتل الأمين. وفيها يقول دعبل الخزاعي الشاعر:
إيسومني المأمون سيمة فاشل أولم يرى بالأمس رأس محمد
يفتخر على الخليفة بأن قتلوا أخاه!
هذا ما ذكره المؤرخون عن الخليفة الأمين وهم الثقاة من أعلامنا المعروفين مثل الطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك وابن الاثير في الكامل في التاريخ وكذلك السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء.
من مات في عهده
مات في أيامه من الأعلام إسماعيل بن علية وغندر وشقيق البلخي الزاهد وأبو معاوية الضرير ومؤرج السدوسي وعبد الله بن كثير المقرئ وأبو نواس الشاعر وعبد الله بن وهب صاحب الملك وورش المقرئ ووكيع، وغيرهم.