قلب المؤمن دليله.. عبارة رائعة تصف القلب الطّاهر التّقي النّقي فترسمه -كما هو فعلا- دليلا وضياء ينير طريق العبد الصّالح في دروب الحياة الموحشة والمظلمة، هذا القلب الّذي بشّره المولى تبارك وتعالى (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }البقرة223 بجنّة عرضها السّماوات والأرض، بداية الجنّة من الحياة الدّنيا إذ لا يمكن لهذا النّور الّذي يسكن قلب المؤمن إلاّ أن يكون رحمة ونعمة من الله سبحانه وتعالى جزاء له على برّه وتقواه، فهو رغم ما يحاك ضدّه في الخفاء على علم ودراية بكلّ ما يحاك، كيف لا وهو متصّل دائما بربّ العزّة يطيعه ويخشاه، وتراه صابرا على البلاء رغم كثرته، يستقبل قدره بابتسامة تزيّن الفؤاد الدّامي، فتبدو جليّة واضحة على المحيّا الضّعيف الهزيل المتعب...
صاحبه إنسان.. بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من دلالات طيّبة، إنسان مكافح من أجل التّغيير للأفضل، مناضل من أجل الخير، محارب من أجل الحقّ، مجاهد بكلّ نَفَس يخرجه أو يدخله.. تعلوه عزّة وترفعه إلى حيث لا يصله فراعنة زمانه رغم حيلهم ومؤامراتهم، إذ تبوء كلّ محاولاتهم لرشقه بعودة الحجر إليهم لضربهم وكسر شرّهم!!!
إحساسه المرهف رهافة ندى الصّباح يجعله محاطا بهالة نورانيّة تتحسّس الفرح والخطر، فتشقّ سبيلا أخضرا مرصّعا بالثّقة والطّمأنينة اسمه البصيرة، فيبصر ما لا يبصره غيره، فيجعلونه بينهم غريبا.. نعم هو غريب لأنّه ليس من عالمهم بل هو من عالم أسمى، من عالم أرقى، ويا ليتهم يدركونه!!!
ورغم غربته يلج القلوب بسرعة البرق، ويرفع الضرّ عن كلّ مجروح، ويمتطي قمّة السّعادة عندما يرسم الابتسامة على الوجوه.. فتزيد غربته غربة في عالمهم الآدميّ.. هو مثلهم من بني آدم، ولكنّه عنهم مختلف، بداخله براءة الصّغار، وعقل ورصانة الحكماء الكبار، وفطانة العلماء، وحنكة الخبراء... رغم بساطته لا لشيء إلاّ لأنّ بجوهره لؤلؤة لا وجود لها إلاّ بصدور الأتقياء