ها أنا أتربص كـ اللص أنظر الى جدي
وهو متكئ على عكازهـ وتخرج منه أنفاس متعبة
أتعبتها السنين ولازلت أنتظر الفرصة
التي يذهب فيها لأفعل مايفعل
عَلِّيّ أجد سر تلك الجلسة ...
وهاهو جدي يذهب تاركاً خلفه وللمرة الأولى عكازهـ ,
ذهبت مسرعا وكأني حصانٌ جامحٌ فكت قوده
وفتح باب سجنه , جلست على الكرسي متكئاً
على العكاز , لا شيء يذكر
لم أشعر بأي شيء لو شيئاً يسيرا ,
أردتُ الوقوف كجدي انزلقت يدي من على العكاز
فرتطم رأسي به فقضمت لساني
حتى أنني ظننت أنه قطع لنصفين ,
لم أكن أعلم اني أمتلك أسناناً كالأنياب
وعضة كعضة الأسد
آه آه ما أصبرك عليَّ يا أخي كم وكم عضةً نلتها مني فسامحني ..!
عندها سمع جدي صرخاتي ,
رأف بحالي , عالج جراحي
وأراد أن يأخذني برحلة علها تنسني آلامي ,
قال لي سأخذك برحلة لن تنساها ماحيت ,
رحلة أعلمك بها معنى الحب الحقيقيّ ....!
ذهبنا وفي الطريق وقفنا لشرب بعض من الشاي
وضع جدي ملعقتا سكر في كأسي
وسكب بعدها الشاي ثم بدأ بتحريك السكر
ليذوب ولكنه لم يحركه جيداً , أردت اخباره فأسكتني ,
قال اشرب يابني وبعد فروغي من الشرب
ضحك وقال ك عادتك عجولٌ جداً
وكأنك تخشى ان يسرق احدهم كأسك ,
اسمع سأخبرك الحكمة من عدم تحريكي لسكر جيداً :
الحب يابني ك كأسك هذ
ا مهما ظننت انك وصلت الى طعمه الحلو
تكتشف ان الرشفة التي تليها أكثر حلاوة
وهكذا الى ان تصل الى قعر كأسك
ولكن الفرق الوحيد بين كأسك هذا والحب
ان الحب كأسٌ لا قعر له ..!أفهمت يابني .؟ نعم وانا لم افهم شيئاً ..
بعد ذلك الشاي اكملنا رحلتنا حتى وصلنا الى ثلاثة جبال
متفاوتةٍ في الارتفاع قال جدي اصعد الاصغر فالاكبر
وأنظر هنالك وعد وسأخبرك بحكمة اخرى
صعدت الجبل تلو الاخر وبعد تعب عدت ,
بادرني بسؤال ماذا رأيت قلت
كلما صعدت جبلا كانت المساحة التي اراها أكبر
قال احسنت هو الحب كذلك كلما بذلت له
كلما اعطاك مساحة أكبر من السعادة
ولا أظنك يابني ترضى بقطعة حلوى صغيرة ....
وك العادة نعم لا أرضى وانا لم افهم شيئاً .....!
وبعد تعب تلك الجبال مررنا بشجرة تفاح
وانفتحت شهية جدي واراد ان يأكل
قال اذهب يابني وأتني بتلك التفاحة
نظرت بحرقة اليه ياجدي الا ترى انها صعبة القطف
قال لا تكثر الحديث وأتني بها ,
وبعد عدة محاولات فاشلة
استطعت قطفها وتفاجأت حين قال
كلها لا أريدها ,
أكلتها مع تمتمةٍ وغيض قال
اترى هذه التفاحة لن تنسى طعمها لسنين وسنين
اتعلم يابني أن النساء فاكهة مذاقها واحد ,
ولكن الفرق في كيفية القطف
فصعبة المنال يكون طعمها ألذ لا ينسى أبداً .
افهمت , نعم مع ابتسامة
وانا ك الاناء الفارغ لم افهم شيء .....!
وبعد تلك التفاحة اخذنا بالسير في الطرقات
قال جدي خذ حكمة أخرى
في الحب لا يوجد ميزان
وإن وجد يكون بكفة واحدة
واستغرب ممن يضع نفسه بكفة وحبيبه بكفة اخرى
ويقارن ويقول انا فعلت وانا فعلت
ألا يعلم ان مايقدمه يقدمه لنفسه
والا لا اسميه حباً
افهمت يا ولدي ,نعم نعم وكالعادة لم افهم شيئاً ..
أرهقني المسير كثيراً قال جدي هيا بنا نعود للمنزل
وسأقول لك أخر حكمة
في الحب لا تسمع ولاتطع الا الحب فقط .
دع الحب يكون ربان سفينتك
صدقني سيجد لك افضل الشواطئ
واكثرها سحراً وسعادة لينزلك بها
افهمت يابني ... نعم نعم نعم ...!
عدنا الى المنزل ويدا جدي
احدها تحملني والاخرى تحمل العكا
فما أعظمك ياجدي وما اعظم الحكم التي ينطق بها لسانك ....!
وبعد عقدٍ من الزمان ..
وجدت نفسي عاشقاً لفتاةٍ أختزلت الدنيا بين يديها الناعمتين ,
فتاةٍ اتخذت من الفتنة والسحر رسماً لها
ومن العفة والطهر خُلقاً ومن التسامح اسماً لها ,
وجدت نفسي معايشاً لكل كلمة قالها جدي لي ,
وبرغم مايفصل بيني وبينها
من أسوار شائكة ومن أراضٍ شاسعة
ومن عواصف عتيدة ومن اعاصير عنيده
الا اني أحبها نعم أحبها ....
ولو اخذوا مني أقلامي
وجففوا محبرتي ومزقوا أوراقي
وأسكنوني المنفى لأُوصلن رسائل حبي لها
ولو اتخذت من دمي محبرةً
ومن عظامي أقلاماً ونسجت من لحمي صحائف
لأكتب لهااحبك احبك احبك كثيرا ...!
لسجين الكلمات ..
أتمنى تروق لكم
عدل سابقا من قبل ابو الحروف في الأحد 10 يناير 2010, 2:53 pm عدل 1 مرات (السبب : تغير الخط)
_________________
تحت الغمام شايف مواكب الهجرة اتلاشت سراع
ليه يا عصافير ليه الاسي مين علمك اسف الوداع
زي مابتخافي من الرياح بنخاف كمان نحن الضياع