بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الموصوفِ بصفات الجلال والكمال، عالمِ الغيب والشهادةِ الكبيرِ المتعال، أحمده - سبحانه - وأشكره على جزيلِ العطاءِ والإنعام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيدُ الأنام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأطهار أما بعد..فسلام الله - تعالى - ورحمته وبركاته عليكم..
روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " إن الله - سبحانه - قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه "
في هذا الحديث النبوي الجليل دليل على أن الناس يتفاوتون في الأخلاق كما يتفاوتون في الأرزاق، وكما أن المسلم مأمور بالاجتهاد في طلب الرزق بالمباح من المهن فهو كذلك مأمور بالاجتهاد في التخلق بالخلق الحسن،
وما أعطي أحد عطاء خيرا وأفضل من خلق حسن يدله على الصلاح والتقى، ويردعه عن السفه والفساد والردى،
والأخلاق الحسنة منها ما يكون الإنسان مجبولا عليه، ومنه ما يكون مُنالا بالاكتساب والمجاهدة، قابلاً للتعديل والتقويم، قال الإمام القرطبي - رحمه الله - " الخلق جِبِلَّة في نوع الإنسان، وهم في ذلك متفاوتون، فمن غَلَبَ عليه شيء منها إن كان محموداً وإلا فهو مأمورٌ بالمجاهدة فيه حتى يصيرَ محموداً "
وقال الماوردي - رحمه الله - "
الأخلاق غرائزُ كامنةٌ تظهر بالاختيار، وتُقهرُ بالاضطرار " بل قد صرّح أهل العلم منهجهم تجاه هذه الأخلاق في كثير من كتبهم ككتب العقائد وغيرها، يقول الإمام الإسماعيليّ - رحمه الله تعالى -" ويَرون محاربةَ البدع والآثام والفخر والتكبّر والعُجب والخيانةِ والدّغل والسعاية، ويرَون كفَّ الأذى وتركَ الغيبة "
ويقول الإمام الصابوني - رحمه الله - " ويتواصَون بقيامِ الليل للصّلاة وبصلةِ الأرحام وإفشاءِ السلام وإطعام الطّعام والرحمةِ للفقراء والمساكين والأيتام والاهتمامِ بأمور المسلمين والتعفُّف في المأكلِ والمشرَب والملبس والمصرَف والسعيِ في الخيرات والأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر والبدار إلى فصل الخيرات أجمَع واتّقاء شرّ الطمع، ويتواصَون بالحقّ ويتواصَون بالصبر "
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في بيان منهج السلف تجاه هذه الأخلاق " ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسِن الأعمال، ويعتقِدون معنَى قولِه " أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا " ويندبون إلى أن تصلَ من قطعك وتعطيَ من حرمَك وتعفوَ عمّن ظلمَك، ويأمرون ببرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام وحسن الجوار والإحسانِ إلى اليتامى والمساكين وابنِ السبيل، وينهَون عن الفخر والخُيَلاء والبغي والاستطالةِ على الخلق بحقّ أو بغير حقّ، ويأمرون بمعالي الأخلاقِ وينهَون عن سفاسِفها "
وقد جمَعَ بعضهم بعضَ علاماتِ حسن الخلق فقال: هو أن يكون كثيرَ الحياء، قليلَ الأذى، كثيرَ الصلاح، صدوقَ اللسان قليلَ الكلام، كثيرَ العمل، قليل الزلل والفضول، بَراً وصولاً، وقوراً صبوراً، شكورا راضيا حليما رفيقاً، عزيزا شفيقا، بشّاشا هشَّاشا، لا لعانا ولا سبّابا، ولا منَّانا ولا مغتابا، ولا عجولا ولا حقودا، ولا بخيلا ولا حسودا، يحبّ في الله ويبغض في الله، ويرضى لله ويغضب لله.. انتهى "
ومع أهمية ما قالوا إلا أنهم يرون ويعتقدون اعتقادا جازما أن هناك تلازم بل تلاحُم بين السّلوك والاعتقاد والإيمَان والأخلاق، فالسّلوك الظّاهر مرتبطٌ بالاعتقاد الباطِن، ومن ثَمَّ فإنّ الانحرافَ الواقعَ في السّلوك والأخلاق ناشئٌ عن نقصٍ وخلل في الإيمان والباطن، ولئِن ذكر المربّون والحامياء أن الأخلاقَ أمورٌ مستحسَنة إلا إنها في ديننا تكاليفُ مطلوبَة كسائر العباداتِ والمطلوباتِ الشرعيّة فرضًا وسنّة، ولذلك فإنك تعجب والله اليوم من واقع المسلمين المخالفة والمناقضة لهذه المسلمات،
أصبحت الشكوى مريرة لما أصاب الناس من انهيار في الأخلاق واضطراب في الموازين، فالقريب يتذمر من قريبه، والجار يشكو جاره، والأمانة ضاعت بين الناس، والمراوغة راج سوقها، والغش في المعاملات قائم على أشده وأصبح من عباد الله من لا يعرف من الأخلاق إلا اسمَها، ولا يألف من الطباع إلا أخسَّها، ولا يسلك من الصفات إلا أقبحها، شرَهٌ في النفوس، تطاولٌ على الخلق، نقضٌ للعهود والمواثيق، خيانة وكذبُ مخادعة وتضليل وتلاعب وتضييع بحقوق العباد، وإنه لخطر عظيم ينذر بالشرور والفوضى، فكيف تُعكسُ الحقائق وتُقلبُ المفاهيم والله المستعان..
الحمد لله الموصوفِ بصفات الجلال والكمال، عالمِ الغيب والشهادةِ الكبيرِ المتعال، أحمده - سبحانه - وأشكره على جزيلِ العطاءِ والإنعام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيدُ الأنام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأطهار أما بعد..فسلام الله - تعالى - ورحمته وبركاته عليكم..
روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " إن الله - سبحانه - قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه "
في هذا الحديث النبوي الجليل دليل على أن الناس يتفاوتون في الأخلاق كما يتفاوتون في الأرزاق، وكما أن المسلم مأمور بالاجتهاد في طلب الرزق بالمباح من المهن فهو كذلك مأمور بالاجتهاد في التخلق بالخلق الحسن،
وما أعطي أحد عطاء خيرا وأفضل من خلق حسن يدله على الصلاح والتقى، ويردعه عن السفه والفساد والردى،
والأخلاق الحسنة منها ما يكون الإنسان مجبولا عليه، ومنه ما يكون مُنالا بالاكتساب والمجاهدة، قابلاً للتعديل والتقويم، قال الإمام القرطبي - رحمه الله - " الخلق جِبِلَّة في نوع الإنسان، وهم في ذلك متفاوتون، فمن غَلَبَ عليه شيء منها إن كان محموداً وإلا فهو مأمورٌ بالمجاهدة فيه حتى يصيرَ محموداً "
وقال الماوردي - رحمه الله - "
الأخلاق غرائزُ كامنةٌ تظهر بالاختيار، وتُقهرُ بالاضطرار " بل قد صرّح أهل العلم منهجهم تجاه هذه الأخلاق في كثير من كتبهم ككتب العقائد وغيرها، يقول الإمام الإسماعيليّ - رحمه الله تعالى -" ويَرون محاربةَ البدع والآثام والفخر والتكبّر والعُجب والخيانةِ والدّغل والسعاية، ويرَون كفَّ الأذى وتركَ الغيبة "
ويقول الإمام الصابوني - رحمه الله - " ويتواصَون بقيامِ الليل للصّلاة وبصلةِ الأرحام وإفشاءِ السلام وإطعام الطّعام والرحمةِ للفقراء والمساكين والأيتام والاهتمامِ بأمور المسلمين والتعفُّف في المأكلِ والمشرَب والملبس والمصرَف والسعيِ في الخيرات والأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر والبدار إلى فصل الخيرات أجمَع واتّقاء شرّ الطمع، ويتواصَون بالحقّ ويتواصَون بالصبر "
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في بيان منهج السلف تجاه هذه الأخلاق " ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسِن الأعمال، ويعتقِدون معنَى قولِه " أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا " ويندبون إلى أن تصلَ من قطعك وتعطيَ من حرمَك وتعفوَ عمّن ظلمَك، ويأمرون ببرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام وحسن الجوار والإحسانِ إلى اليتامى والمساكين وابنِ السبيل، وينهَون عن الفخر والخُيَلاء والبغي والاستطالةِ على الخلق بحقّ أو بغير حقّ، ويأمرون بمعالي الأخلاقِ وينهَون عن سفاسِفها "
وقد جمَعَ بعضهم بعضَ علاماتِ حسن الخلق فقال: هو أن يكون كثيرَ الحياء، قليلَ الأذى، كثيرَ الصلاح، صدوقَ اللسان قليلَ الكلام، كثيرَ العمل، قليل الزلل والفضول، بَراً وصولاً، وقوراً صبوراً، شكورا راضيا حليما رفيقاً، عزيزا شفيقا، بشّاشا هشَّاشا، لا لعانا ولا سبّابا، ولا منَّانا ولا مغتابا، ولا عجولا ولا حقودا، ولا بخيلا ولا حسودا، يحبّ في الله ويبغض في الله، ويرضى لله ويغضب لله.. انتهى "
ومع أهمية ما قالوا إلا أنهم يرون ويعتقدون اعتقادا جازما أن هناك تلازم بل تلاحُم بين السّلوك والاعتقاد والإيمَان والأخلاق، فالسّلوك الظّاهر مرتبطٌ بالاعتقاد الباطِن، ومن ثَمَّ فإنّ الانحرافَ الواقعَ في السّلوك والأخلاق ناشئٌ عن نقصٍ وخلل في الإيمان والباطن، ولئِن ذكر المربّون والحامياء أن الأخلاقَ أمورٌ مستحسَنة إلا إنها في ديننا تكاليفُ مطلوبَة كسائر العباداتِ والمطلوباتِ الشرعيّة فرضًا وسنّة، ولذلك فإنك تعجب والله اليوم من واقع المسلمين المخالفة والمناقضة لهذه المسلمات،
أصبحت الشكوى مريرة لما أصاب الناس من انهيار في الأخلاق واضطراب في الموازين، فالقريب يتذمر من قريبه، والجار يشكو جاره، والأمانة ضاعت بين الناس، والمراوغة راج سوقها، والغش في المعاملات قائم على أشده وأصبح من عباد الله من لا يعرف من الأخلاق إلا اسمَها، ولا يألف من الطباع إلا أخسَّها، ولا يسلك من الصفات إلا أقبحها، شرَهٌ في النفوس، تطاولٌ على الخلق، نقضٌ للعهود والمواثيق، خيانة وكذبُ مخادعة وتضليل وتلاعب وتضييع بحقوق العباد، وإنه لخطر عظيم ينذر بالشرور والفوضى، فكيف تُعكسُ الحقائق وتُقلبُ المفاهيم والله المستعان..